الجمعة، 27 نوفمبر 2015
4:58 ص

الحرب السورية الفرنسية




مدة الحرب:(4 شهور)مارس 1920‏ - يوليو 1920

عدد الضحايا : اكثر من 5 الف شخص .

مكان الحرب: المملكة السورية العربية

النتيجة:
1-نفي فيصل الأول إلى العراق المحتلة 
2-انتصار فرنسا
3-انشاء سوريا المنتدبة

الفريقان الرئيسيان المتحاربان:
الفريق الأول:فرنسا
الفريق الثاني:سوريا

جرت الحرب السورية الفرنسية سنة 1920 بين الأسرة الهاشمية حكام المملكة السورية العربية الجديدة وجيش الإستعمار الفرنسي. وبعد سلسلة من المعارك الشرسة بلغت ذروتها في معركة ميسلون حيث استطاعت القوات الفرنسية دحر القوات الشعبية والمقاومة العربية التابعة لملك سوريا فيصل الأول، وتمكنوا من دخول العاصمة دمشق بتاريخ 24 يوليو 1920،واعلنوا حكومة سورية خاضعة لهم باليوم التالي بزعامة علاء الدين الدروبي الذي اغتيل بعدها بشهر في حوران.

كانت الحكومة البريطانية قلقة من وجودها في العراق بسبب اندلاع ثورة العشرين، فوافقت على اعلان الملك فيصل ملكا على العراق، أما سوريا فقد تعرضت للتقسيم إلى عدة دويلات تابعة خاضعة للإنتداب الفرنسي

قبيل انتهاء الحرب العالمية الأولى تمكنت قوة التجريدة المصرية الذي يقودها الجنرال ألنبي من دخول دمشق بتاريخ 30 سبتمبر 1918 ثم دخلها الشريف فيصل بتاريخ 3 اكتوبر وهي المرحلة الأخيرة من مراحل الثورة العربية ضد العثمانيين. وبتاريخ 5 اكتوبر أعلن فيصل بن حسين -وبإيعاز من اللنبي- عن تشكيل حكومة عربية بإسم (جلالة مولانا امير المؤمنين الشريف حسين) في دمشق.

وبعد ذلك بدأت بنود اتفاقية سايكس بيكو بالتطبيق، حيث قسمت مناطق العثمانية التي احتلها الفرنسيون والإنجليز حسب الإتفاقية. فأسس الفرنسيون الإدارة العسكرية لسوريا، وعين الجنرال غورو مندوبا ساميا الانتداب الفرنسي على لبنان وسوريا وقائدا لجيش الشام،وباتت الأحداث في أوروبا تسير في عكس مايشتهي مركب المملكة الفتية، فأحالت سوريا إلى الانتداب الفرنسي.

 وكان هذا حافزا لجمعيات قومية مثل جمعية العربية الفتاة أن تقوم بالإستعداد لعقد مؤتمر وطني، حيث طالبت تلك الجمعيات بالاستقلال الكامل للمملكة السورية، وتوحيد العرب تحت حكم الملك الجديد فيصل بن الحسين. فانعقد المؤتمر السوري العام بتاريخ 3 يونيو 1919، واختير عضو نادي الفتاة هاشم الأتاسي رئيسا للمؤتمر[10]. ثم أرسل الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون لجنة إسمها لجنة كينغ - كراين إلى دمشق التي وصلت بتاريخ 2 يوليو 1919 وسط موجة سخط ومنشورات تطالب "بالإستقلال أو الموت". وقام المؤتمر الوطني العام بتمرير عدد من القرارات إلى اللجنة تتعلق بتحويل سوريا إلى دولة ملكية دستورية مستقلة تحت حكم الملك فيصل، طالبين المساعدة الأمريكية في رفض المطالبات الفرنسية عليهم.

تلاشت آمال فيصل من أي مساعدة أمريكية أو بريطانية للتدخل ضد الفرنسيين، وهو مااعتبره الكثيرون حافزا لتدمير للمملكة السورية. وما كان الإنجليز ليغضبوا فرنسا من أجل فيصل والسوريين، ولما بدأ التصادم بين المطامح السورية والمطامع الفرنسية، حاول الإنجليز التنصل فطلب لويد جورج من فيصل قبول التفاهم مع الفرنسيين حيث قال له:"لايمكننا التخلي عن حليفتنا فرنسا". ولم يكن التنصل الإنجليزي مجاني، فقد تنازلت فرنسا عن الموصل التي كانت لها حسب سايكس بيكو. كما تنازلت عما تبقى من شرق الأردن والتي كانت تابعة لسوريا.

اضطر فيصل بالنهاية ان يتفاوض مع كليمنصو في يناير 1920 حيث نصت المفاوضات على دعم الفرنسيين لإستقلال سوريا ووحدتها بين الساحل والداخل عدا "لبنان"، واعتراف عصبة الأمم بالإستقلال وأن تمدها بالمال والخبراء الفنيينن دون التدخل في إدارة الأمور الداخلية، والمستشارين العسكريين في تدريب الجيش العربي إلى أن يستطيع النهوض بأعباء الدفاع عن الوطن، ثم لن يبقى أي جندي فرنسي

 ولكن لم تثن تلك التسوية انصار فيصل من حدة العداء للفرنسيين ومطالبهم بالاستقلال التام، فضغطوا عليه لرفض تلك المعاهدة وهو ماحصل.

ما إن انتهت المفاوضات مع كليمنصو في يناير 1920 حتى سقطت حكومته وفازت حكومة ميلران الأكثر استعمارية فرفضت اتفاق فيصل كليمنصو، فتعرضت القوات الفرنسية بشكل متقطع لهجمات عنيفة في انحاء سوريا، ثم اجتمع المؤتمر السوري العام في مارس 1920 فأعلن يوم 8 مارس استقلال المملكة السورية العربية وأن فيصل بن الحسين هو ملكها وأن هاشم الأتاسي رئيس الوزراء. وهو عكس مااتفق عليه مع الفرنسيين حول طبيعة حكم الدولة الناشئة.
رفض الإنجليز والفرنسيون هذا العمل، لذا فقد عقد المجلس الأعلى للحلفاء مؤتمر سان ريمو في المدة مابين 19-25 أبريل 1920 في ذات المدينة الإيطالية حيث خرج بمطالبة صريحة لتكوين انتدابا فرنسيا على بلاد الشام، بالإضافة إلى انتداب الإنجليز للعراق وفلسطين مع تطبيق وعد بلفور. فهال على العرب أن يروا هذه الطريقة في التقسيم، حيث انه صدر من مجلس الحلفاء وليس عصبة الأمم (صك الإنتداب صدر في 24 تموز 1922 أي بعدها بسنتين)،فأضحى حرب العرب السوريين ضد الجيش الفرنسي كارثية ومدمرة للمملكة الوليدة بعد ان تركهم الإنجليز.


فبينما فيصل وحكومته مترددين حول نتائج مؤتمر سان ريمو، اصدر جنرال غورو إنذارا للحكومة السورية بتاريخ 14 يوليو 1920 مدته 4 أيام، ويتضمن الشروط التالية:

1-تسليم سكة حديد رياق - حلب إلى السلطة العسكرية الفرنسية.
2-الغاء الخدمة العسكرية وتخفيض عدد الجيش العربي.
3-القبول غير المشروط باللإنتداب الفرنسي.
4-التعامل بالنقد الفرنسي.
5-معاقبة الذين قاموا بأعمال عدائية ضد فرنسا.

وإن لم يوافق فيصل عليها فإن فرنسا تكون مطلقة اليد في العمل. ولم تكن تلك الشروط إلا حجة للتدخل، أدرك فيصل بعدم جدوى المقاومة، فحلفاؤه الإنجليز قد انسحبوا من سوريا فانقطعت عنه المساعدة الفنية والإقتصادية منهم، وأبوه ملك الحجاز مهدد بهجوم الإخوان.

كان الرأي العام السوري منقسما حول الإنذار، فالإتجاه الأل يرفض الإنذار والثاني يميل إلى القبول بالإنذار، وفي كلا الحالتين معناه الاستسلام والإحتلال. فدعى إلى اجتماع المؤتمر السوري إلى قصره، حيث صدمهم بقبوله للإنذار الفرنسي، فهاج الرأي العام وانتشرت الفوضى، فاضطرت الشرطة للتدخل للتهدئة، فقتل أكثر من مئة شخص عدا الجرحى.
أرسل فيصل جوابه إلى غورو بقبوله الإستسلام، لكن غورو تذرع بتأخر الرد. فتقدمت آلياته والمشاة يساندها الطيران نحو دمشق. أما يوسف العظمة وزير دفاع الدولة الفتية فقد قاد كتيبة من الوطنيين المتحمسين، وأقسموا أن لاتمر القوات الفرنسية إلا فوق جثثهم، وتوجهوا نحو ميسلون عند مدخل دمشق الغربي، حيث قضوا جميعا وخلا الطريق من كل مقاومة أمام الفرنسيين.

قامت احتجاجات في دمشق يومي 20 - 21 يوليو رفضا لشروط الإستسلام، وكان لها ارتدادات جانبية يومي 22 - 23 يوليو، حيث دعمت يوسف العظمة على رفض الاستسلام للإنذار الفرنسي مع قبول الملك فيصل لذلك، فشكل جيشا صغيرا ضعيف التسليح من جنود شتات ومدنيين لمواجهة جيش فرنسا حديث التسليح والمجهز تجهيزا عسكريا كاملا. ثم قاد جيشه إلى خان ميسلون، بالرغم من انه ليست لديه أي فكرة بنتيجة المعركة، إلا أنه أراد أن يوضح بأن سوريا لن تستسلم دون قتال ليحرم الاحتلال الفرنسي من أي شرعية.

استشهد العظمة في المعركة التي انتصر فيها الفرنسيون، وأدت المعركة إلى حصار الفرنسيين مدينة دمشق ودخولهم إياها في اليوم التالي للمعركة أي 25 يوليو. حيث تم إلغاء المملكة السورية العربية وحكومتها وإعادة تثبيت الحكم الفرنسي رسميا.

دانت سوريا كلها للحكم الفرنسي، حيث وضعتها معاهدة سيفر تحت الإنتداب الفرنسي ريثما تصبح قادرة على الحكم الذاتي. أما الجنرال غورو فقد أنشأ إدارة مدنية تدير المنطقة، وقسم الإنتداب المنطقة إلى ست دويلات، وهي دولة دمشق ) وحلب  والعلويين وجبل الدروز ، والإسكندرون ولبنان الكبير .

أما الملك فيصل، فقد طلب إليه مغادرة دمشق يوم 28 يوليو 1920، فتوجه نحو درعا ثم حيفا ومنها إلى إيطاليا حيث لبث مدة في مدينة كومو. ثم طلبه الإنجليز إلى لندن.

0 التعليقات :

إرسال تعليق